ضل الحراز: علي منصور حسب الله
أيها الإخوة والأخوات
أيها السادةُ والنشطاء
أيها كلُّ من يحمل في قلبه غيرةً على أمن الوطن وسلامة الناس
وكل من له غيرةٌ على الكيان وكل من يحمل في جوانحه ذرةً من إنسانيةٍ صافية نقف اليوم أمام منعطف خطيرٍ ومُرعب يهدد السلام الاجتماعي ويمسُّ صلب كياننا الجمعي وسط أصواتٍ تتعالى بالتحريض والتأليب وأيدٍ تعبث بخيوط الفتنة في الظلام تغذيها الكراهية وتحركها أجندات لا تُبصر إلا الخراب في ظل هذه الظروف القاتمة نرفع هذا النداء الإنساني العاجل لا انتصارًا لطرفٍ على آخر ولا دعوةً لاصطفافٍ جديد بل صرخة ضمير دفاعًا عن حق الإنسان في الحياة وعن كرامة الأهل وعن الأرض التي نعيش عليها جميعًا والتي إن احترقت احترقنا جميعًا معها لقد علّمنا التاريخ مرارًا أن الإدارات الأهلية والعلماء والشيوخ والمثقفين والشباب والنساء كانوا دائمًا صمّام الأمان حين تقترب الشعوب من الحافة وحين تختلط الدماء بالتراب
إنّ واجبنا الأخلاقي والوطني يدعونا اليوم إلى أن نتذكّر تلك القيم الخالدة التي وُلدت عليها مجتمعاتنا وتربت عليها
وهي احترام الآخر وحماية الأرواح وحفظ النسل والمال وتقديم مصلحة الجماعة على نزوات الأفراد
فلا تُرتكب الفظائع باسم الكرامة أو حتى نصرة العشيرة ولا تُسفك الدماء باسم الغضب لأن أيّ مصلحة تُبنى على دمٍ بريء هي خطيئةٌ مستمرة
نداؤنا الصادق لكل الأطراف الوقف الفوري والشامل لكل أشكال العنف والتصعيد.
إنّ الحق في الاختلاف لا يعني أبدًا امتلاك رخصة لسفك الدماء وتجميد الخطاب التحريضي بكل أشكاله والتنبه إلى خطورة الكلمة
فما يُقال تحت وطأة الغضب قد يتحول إلى وقودٍ لنار لا تبقي ولا تذر
وستبقى تلك الكلمات عاجلاً أو آجلاً وصمة عار تلاحق أصحابها وحماية النساء والأطفال والمسنين فهم خارج أي خلاف لا ذنب لهم ولا يد ولا يجوز أن يدفعوا ثمن نزاعات الكبار وإعادة تفعيل فضاءات الحوار والوساطة المحلية بقيادة محايدة من زعماء الكيان وعلمائه وشيوخه ومثقفيه لإعادة بناء الثقة وردم الهوة ووقف النزيف المجتمعي فمن مات لن يعود والثأر لن يجلب نفع سوى الضرر دعونا نستند على مقولة موت الولد ولا خراب البلد والتحقيق النزيه والشفاف في أي مظلمة أو حادثة عبر آليات تحفظ الحقوق وتمنع الظلم دون أي تحيّز عشائري وترسيخ قيم المصالحة والاعتذار والتسامح كقاعدة دائمة لحياة سلمية لأن القوة الحقيقية للمجتمعات لا تُقاس بالثأر بل بقدرتها على الصفح والتلاحم
علينا أن نُدرك أن هناك من يتربص بكل هذه المنطقة من يتمنّى إشعال فتيل النزاع ليحترق الجميع
أصواتٌ من مليشيا الدعم السريع ظلّت تتعالى في الخفاء والعلن تنادي صراحةً بـ (القضاء علينا جميعًا) وبـ (تدمير المنطقة بأسرها) ولا تخفى على أحد تلك التصريحات الخطيرة التي دعت إلى إزالة كرنوي وامبرو والطينة وام حراز ومزبد وغيرها من حواضر الأهل من الوجود! فمن هو المستفيد الحقيقي من الصراع؟ من الذي سيدوِّن اسمه في قائمة الرابحين إذا سقطت دارقلا ودار زغاوة في مستنقع الدم؟ قطعًا ليس أبناء كرنوي وحدهم بل جميع دار زغاوة ففي الوقت الذي فيه يطلق على مدينة الفاشر أسلحة محرمة دولياً متمثلة في الرؤوس الكيميائية التي تحملها الطائرات المسيرة لتفتك بالجميع قطعا بينهم أبناء دارقلا الموجودين في الفاشر ولا تفرق بين قبيلة واخري ولا بين عشيرة الكلبا وعشيرة القلي قرقي اللتان تتقاتلان في كرنوي ينشب هذا الصراع والوطن باثره ينتظر منكم الصمود حتى الاطفال في أقاصي الشمال يسعهون بكيلة دعم الفاشر نجد أبناء هاتان العشيرتان رغم صلاة الدم يسهمون في تقويض التماسك والصمود هذا النداء اوجه إلى السادة زعماء ورؤساء الإدارات الأهلية في دار زغاوة وعلى وجه الخصوص الإدارة الأهلية دار توير أمبرو والإدارة الأهلية دار سويني/ دور
والإدارة الأهلية دار أرتاج أم حراز والإدارة الأهلية دار كوبي السودانية (الطينة) والإدارة الأهلية دار كبكا طندطباي والإدارة الأهلية عموم دار كوبي – بتشاد (هريبا) والإدارة الأهلية دار بيري – أمجرس وإدارة الأهل بردا باء
والإدارة الأهلية دار كبكبا تشاد (متجنا) والإدارة الأهلية كجمر وإدارة شقي كارو والسادة في هيئة الشورى في السودان وفروعها في الولايات وقيادات الأهل في السودان وتشاد والمسؤولين والمثقفين من أبناء المنطقة والقيادات الشبابية والنسوية
أما أبناء دار قلا دعوتي لكم إلى التسامي فوق الجراح ووأد للفتنة في مهدها والبعد عن الصغائر
رسالتي الأخيرة إنّ أي محاولةٍ لتفتيت النسيج الاجتماعي أو لفرض واقع قائم على الكراهية والإقصاء
ستعود بالخسارة على الجميع بلا استثناء فالخاسر الأول والأخير هو وطن إسمه السودان والإنسان البسيط الذي يُجبَر على حمل قلبٍ مكسور وذاكرةٍ ممزقة وبيتٍ مهدّم فوق رأسه
نقولها بصدقٍ وألم
نحن ضد أي مشروع يهدف إلى تفكيك الأرض وتقسيم الأهل لصالح قوى دخيلة أو أطماع خارجة لا ترعى للإنسان حرمة ندعوكم اليوم باسم ما تبقّى من وجدانٍ جمعي أن تستدعوا ضمائركم وتغلبوا العقل على الغضب وأن تنتصروا للتاريخ للتعايش ولدماء أجدادكم التي روت هذه الأرض لتبقى لنا جميعًا
وختامًا ندعو أهلنا في دارقلا ودار زغاوة وكلّ من يحمل همّ الوطن إلى التضامن مع الضحايا
وإلى نبذ التخوين والتطرف
وإلى التمسك بالحوار وحده كأداة نبيلة لاسترداد الحقوق وتسوية الخلافات
لنحفظ ما تبقّى من إنسانيتنا ولنجعل الرحمة والعدل منهجًا يُحكم به بيننا نُعلّق في أعناقكم هذا النداء علّه يجد صدى في القلوب ويُفضي إلى حقن الدماء ودرء الفتنة
وإحياء ما اندثر من قيم النخوة والصفح والوحدة
والسلام