بقلم: عبد العزيز سليمان أوري
في عهد الوزير محمد بشير أبو نمو شهدت وزارة المعادن السودانية نقلة نوعية من حيث الهيكلة والشفافية وعدالة التوظيف وتوسيع دائرة الاستفادة من موارد قطاع التعدين لتتحول إلى واحدة من الوزارات القليلة التي سعت فعلاً إلى إحداث إصلاح حقيقي سواء على المستوى الإداري أو الاقتصادي أو الاجتماعي
ومن أبرز ما ميّز فترة الوزير أبو نمو هو تحويل وزارة المعادن إلى مؤسسة وطنية جامعة تُمثل كل أطياف ومناطق السودان لم تعد الوزارة حكرًا على فئة أو منطقة بعينها بل أصبحت مساحة مفتوحة أمام الجميع سواء في مجال الاستثمار أو في التوظيف فعلى سبيل المثال كانت بعض الوحدات التابعة للوزارة قبل توليه المنصب لا تضم سوى عدد محدود من أبناء بعض الأقاليم وهو ما تغيّر جذريًا بعد قراراته التي راعت التوزيع العادل للفرص على أساس الكفاءة لا الانتماء الجهوي فور تسلمه زمام الوزارة أطلق الوزير أبو نمو سلسلة من الإجراءات التصحيحية بدأت بتغيير عدد من المسؤولين في المناصب القيادية واستبدالهم بكفاءات نزيهة ومؤهلة
شملت التغييرات مناصب حيوية مثل وكيل الوزارة والمدير التنفيذي الوزاري
ومدير هيئة الأبحاث الجيولوجية ومدير عام شركة أرياب للتعدين ومدير عام شركة سودامين لخدمات التعدين كما أصدر توجيهات بإجراء تدوير وظيفي داخل الوحدات الحساسة مثل اللجنة الفنية بهدف تعزيز الشفافية وضمان تجويد الأداء كانت الوزارة قبل عهد أبو نمو مرتعًا لنشاط سماسرة تراخيص التعدين ومصانع مخلفات التعدين والذين كانوا يشكلون حلقة فساد موازية داخل الوزارة
الوزير أوقف هذا النشاط غير القانوني بشكل صارم وقام بتقوية اللجنة الفنية للتعدين والتي تتولى إجراء الدراسات الفنية والمالية قبل منح أي مشروع استثماري توصيات اللجنة تُرفع الآن إلى الوزير معزّزة بالمستندات مما أغلق الباب أمام التلاعب والترضيات السياسية أو الجهوية وعمل الوزير على تعزيز الإدارة التنفيذية للوزارة باعتبارها حلقة الوصل بين الوزارة والهيئات والشركات التابعة لها وهي هيئة الأبحاث الجيولوجية وشركة أرياب للتعدين والشركة السودانية للموارد المعدنية وشركة سودامين وشركة مصفاة الذهب وتم تعيين قيادة تنفيذية فنية مؤهلة لرئاسة هذه الإدارة مما ساعد في خلق انسجام إداري وتنفيذي بين مختلف مكونات القطاع
واستجابة للتوسع الكبير في قطاع المعادن أنشأ الوزير أبو نمو شركة متخصصة في تدريب وتوظيف الكوادر الفنية بهدف إعداد جيل مؤهل قادر على التعامل مع تحديات وتعقيدات صناعة التعدين في السودان وفي خطوة غير مسبوقة نسق الوزير مع وزارة المالية لتخصيص نسبة من أموال المسؤولية المجتمعية لدعم المجتمعات المحلية في مناطق الإنتاج حيث تم توجيه هذه الأموال لتنفيذ مشاريع خدمية حقيقية بإشراف لجان شعبية محلية وبالتنسيق مع حكومات الولايات مما ساهم في تقليل التوترات المجتمعية المرتبطة بوجود شركات التعدين
وفي مراجعة شاملة لملفات الموظفين المفصولين أعاد الوزير أبو نمو عددًا من الموظفين الذين تم فصلهم دون مبررات موضوعية من قبل الإدارة السابقة في خطوة عززت الثقة بين الموظفين والإدارة وأعادت الاعتبار لكثير من الكفاءات التي تعرضت للظلم واستثمر الوزير خبرته الدبلوماسية والسياسية لتوسيع دائرة العلاقات الاستثمارية مع عدد من الدول الرائدة في صناعة التعدين، من بينها أستراليا وكندا وروسيا
وجنوب أفريقيا والسعودية والمغرب وغانا وجنوب السودان وذلك من خلال زيارات رسمية ومشاركات في مؤتمرات دولية أتاح خلالها فرص استثمار مباشر ونقل خبرات وتقنيات حديثة إلى السودان وليس بعيدًا عن الملف الوزاري وبرز الوزير محمد بشير أبو نمو كذلك خلال فترة مفاوضات السلام في جوبا حين كان كبير مفاوضي حركة وجيش تحرير السودان قيادة مناوي ففي واحدة من أهم المحطات رفض الوزير إجراء التفاوض حول الترتيبات الأمنية عبر تقنية الفيديو كونفرنس مؤكدًا أن الملفات العسكرية والأمنية لا تُدار في الفضاء الرقمي لما تحتويه من معلومات تخص الجيش الوطني وقوى الكفاح المسلح على حد سواء وقد انتصر منطقه لاحقًا حيث أقرت الحكومة بصحة موقفه بعد الورشة التي عُقدت في فندق كراون بجوبا بحضور الشركاء الإقليميين والدوليين الذين اتفقوا على أهمية السرية في القضايا الأمنية والعسكرية هذا الموقف لم يكن الوحيد بل دائمًا ما تميز أبو نمو بالعقلانية والطرح الوطني في أي خلاف يطرأ بين الحكومة وأطراف العملية السلمية حيث كان دائمًا مرجعية في تقديم المصلحة العليا للسودان على أي اعتبار آخر لما عرف عنه من حنكة سياسية وفكر دبلوماسي متقدم ونظرة استراتيجية طالب عدد من السودانيين بتعيينه في موقع دبلوماسي رفيع سواء كمبعوث للسودان لدى المنظمات الإقليمية والدولية أو مستشارًا في مجلس السيادة الوطني باعتبار أن المرحلة المقبلة تتطلب أدوات سياسية ودبلوماسية أكثر من كونها عسكرية وكتب عن الوزير محمد بشير أبو نمو العديد من الصحفيين والكتاب الوطنيين بإعجاب منهم الأستاذ علي منصور حسب الله الذين أثنوا على نزاهته ووطنيته ورؤيته العميقة لدور الدولة ومؤسساتها وفي واقع يحتاج فيه السودان إلى شخصيات دولة حقيقية حيث دعا إلى ضرورة الاستفادة من قدراته في مجال آخر يظل أمثال أبو نمو نماذج يُحتذى بها في القيادة الإصلاح والرؤية المستقبلية وعطفًا على ما كتبه الأستاذ علي منصور حسب الله فإننا ندعم ما طرحه بشأن ضرورة الاستفادة من قدرات الوزير محمد بشير أبو نمو في مجال آخر بالنظر إلى ما يتمتع به من مؤهلات قيادية سياسية ودبلوماسية تجعله أحد الأسماء التي يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في رسم مستقبل السودان على الصعيدين الإقليمي والدولي