الدبة – دارفور الآن
كشفت مفوض العون الإنساني بمحلية الدبة في الولاية الشمالية، الأستاذة كوثر قيلي، عن تفاقم أوضاع آلاف النازحين القادمين من ولايات دارفور وكردفان، الذين يواجهون أوضاعًا إنسانية قاسية في مدينة الدبة، وسط استمرار النزوح ونقص حاد في الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الغذاء والمياه ومواد الإيواء.
وقالت قيلي في مقابلة مع “دارفور الآن” إن تدفقات النزوح إلى المحلية بدأت منذ الأيام الأولى للحرب، حيث استقبلت المفوضية خلال المرحلة الأولى نحو 1200 أسرة، ارتفع العدد في المرحلة الثانية إلى 1300، ثم إلى 1600 في المرحلة الثالثة. وبعد التحديث الأخير للكشوفات، بلغ عدد الأسر النازحة نحو 4500، موزعين بين مخيمات وتجمعات متفرقة أبرزها حوش مليط، المالحة، أم كدادة، ومخيم أزهري المبارك.
نداءات متكررة واستجابة غير كافية:
وأوضحت أن المفوضية أبلغت المفوض العام للأوضاع الإنسانية، ووجّهت نداءات متكررة للمنظمات والوكالات الدولية من أجل التدخل، مشيرة إلى أن بعض الاستجابات وصلت بالفعل، لكنها لا تزال أقل من حجم الحاجة الميدانية.
وأكدت كوثر أن المساعدات التي وصلت حتى الآن شملت سلالًا غذائية وحقائب إيواء تحتوي على مشمعات وبطاطين ومعدات مطبخ ومصابيح تعمل بالطاقة الشمسية، إلى جانب حقائب صحية وأدوات نظافة، حيث ساهم مركز الملك سلمان عبر منظمة “إضافة” في هذا الدعم. كما تدخلت منظمة “ندى الأزهار” بتوفير ملابس نسائية، حقائب صحية، جلسات دعم نفسي للأطفال، إلى جانب تحويل بعض الحالات الطبية إلى المستشفيات وتقديم مبالغ نقدية لتلقي العلاج.
جهود استقبال وإيواء النازحين:
وتحدّثت المفوضة عن ظروف استقبال النازحين، وقالت إن المفوضية اضطرت في البداية لاستضافة عدد من الأسر أمام مكاتبها، لكن مع تزايد الأعداد، تبرع أحد المواطنين من أبناء الدبة بقطعة أرض، وتم إنشاء مخيم جديد سُمّي بـ”مخيم أزهري المبارك”. بدأ المخيم بإيواء 25 أسرة فقط، ثم ارتفع العدد تدريجيًا حتى بلغ 250 أسرة.
وأضافت أن الجهود امتدت إلى تشييد حمامات بالتعاون مع منظمة “ميد قلوبال”، التي شرعت كذلك في إنشاء عشرة خزانات مياه صالحة للشرب في مواقع مختلفة، منها مخيم أزهري، حوش مليط، وتجمع الشاحنات، وهي المناطق التي تستقبل غالبية الأسر النازحة من دارفور.
توزيع الغذاء والخدمات الصحية والتعليمية:
وأشارت كوثر إلى أن برنامج الغذاء العالمي يواصل تقديم المساعدات الغذائية بصورة دورية، مع تسليم كروت لكل أسرة جديدة يتم حصرها داخل المخيمات والتجمعات. وخلال الأيام القليلة الماضية، تم توزيع الغذاء لعدد أربعة آلاف نازح قادم من معسكر زمزم، وثلاثة آلاف في حوش مليط، إلى جانب 600 أسرة في المالحة، و300 أسرة في أم كدادة.
وأكدت المفوضة إنشاء مدرسة إلكترونية داخل المخيم لخدمة الطلاب، إلى جانب تأسيس مركز تنمية للمرأة وتعيين قابلة مجتمعية، للمساهمة في تقديم الرعاية الصحية للنساء، خاصة الحوامل والمرضعات.
كما نوهت إلى جهود “تكية الرحمة” التي ظلت تقدم وجبات يومية منذ 23 يونيو وحتى اليوم، مشيرة إلى أن المبلغ الذي صُرف حتى الآن تجاوز 12 مليار جنيه سوداني، مما ساعد في تخفيف وطأة الجوع على مئات الأسر.
حالات وفيات ونزوح مستمر:
ولم تُخفِ كوثر وجود حالات وفيات داخل بعض التجمعات، مؤكدة أن المدير التنفيذي للمحلية يتحرك بنفسه أحيانًا للإشراف على عمليات الدفن، وأضافت: “في بعض الحالات، يصعب على النازحين من دارفور التعامل مع أدوات الحفر بسبب الأوضاع النفسية، وواجبنا أن نكون إلى جانبهم حتى في هذه اللحظات الصعبة”.
وأكدت استمرار النزوح من ولايات دارفور نحو الدبة، مشيرة إلى أن الأعداد تتزايد يوميًا، وأن المفوضية تواصل توثيق وتحديث البيانات لتسليم المساعدات، لكنها في حاجة ماسة إلى توسيع نطاق الاستجابة، خصوصًا في قطاع الإيواء، الذي يعاني من فجوة كبيرة مع ارتفاع عدد الأسر.