ضل الحراز: علي منصور حسب الله
لست أدري والله هل أنا من أهل العريس الجنرال صديق بنقو أم من أهل العروس الزميلة الصحفية زمزم محمد خاطر لكن ما أدريه أنني سعيد من كل قلبي لا مرة بل مرتين مرةً لأن الحب ما زال يجد طريقه رغم دخان الحرب ومرةً لأن هذا الزواج تحديدًا يختصر الكثير من المعاني ويلهمنا في لحظة كادت الآمال أن تتبخر
صديق بنقو من الميدان إلى التاريخ
صديق بنقو ليس مجرد اسم يتكرر في نشرات الأخبار، بل هو رجل الموقف والمبدأ خريج القانون وأحد أبرز قادة حركة العدل والمساواة السودانية ومن الشخصيات التي سطرت سيرتها عبر الفعل لا الشعارات حمل همّ المهمّشين ووقف طويلاً في وجه الظلم وكانت بوصلته دومًا منحازة إلى الحق والناس والوطن
واليوم في مواجهة مليشيا الدعم السريع نراه على ذات العهد في الصفوف الأولى مدافعًا عن كرامة البلاد وأمان أهلها يقاتل لا حبًا في الحرب بل كراهيةً للخذلان ووفاءً لشعبٍ لا يستحق إلا النصر
زمزم محمد خاطر قلم لا يساوم
أما العروس الزميلة والصديقة زمزم محمد خاطر فهي ليست فقط صحفية بل هي صوت من لا صوت لهم عرفتها عن قرب حين جمعتنا تجربة الكتابة في صحيفة الشارع السوداني وكانت دومًا من الصحفيين الذين لا ينتظرون التوجيه بل يتبعون نداء الضمير
في أحد أصعب التكليفات أوفدت زمزم لتغطية أزمة إحدى الكنابي تلك المجتمعات السودانية المنسية على أطراف المدن والحقول والتي نادرًا ما يسمع بها أحد لكن زمزم سمعتها ورأتها وكتبتها لا كخبرٍ عابر بل كقضية إنسانية كانت تغطيتها تحمل حرارة الواقع وصدق الميدان وحرقة القلب وقدرة نادرة على نقل التفاصيل الصغيرة التي تكشف عن مأساة كبيرة
زمزم لم تكن فقط صحفية تؤدي واجبها بل كانت دومًا تقف حيث يقف الحق في قضايا الأرض والمرأة والعدالة والهوية تقاتل بالقلم والكلمة حتى صارت مقالاتها أشبه بمواقف ومواقفها تشبه البلاغة الصادقة
زواج يجمع نضالين
لهذا حين يلتقي رجل مثل صديق وامرأة مثل زمزم فإننا لا نحتفي فقط بزواج جميل بل بتكامل مسارين من النضال مسار السلاح الشريف ومسار الكلمة النزيهة هو التحام الجبهة المقاتلة بالجبهة الكاتبة في وقتٍ يحتاج فيه السودان لكل أشكال المقاومة النبيلة وفي ظل هذا الدمار يولد زفافهما كفعل تحدٍ وكأن الحياة تصرّ أن تنتصر ولو في قلب المعركة
-فرحٌ لا يعرف الانقسام
فمن أنا إذن؟ من أهل العريس؟ أم من أهل العروس؟ أنا من أهل الفرح وأهل القضية وأهل السودان الذي لا يزال ينجب مثل بنقو وزمزم هنيئًا لنا جميعًا بهذا الفرح الذي جاء بطعم الثورة ورائحة الصدق وصوت الضمير
إنه الحب كما نريد
نحن قومٌ إذا أحببنا أحببنا كأننا نحارب… وإذا حاربنا، حاربنا كأننا نحب فيا صديق وزمزم عسى أن يكون هذا البيت الذي بنيتماه قلعة للحب ومقامًا للنبل ومنبرًا للحق وركنًا دافئًا في وطنٍ برده القهر وجفافه الخذلان ولتكن أيامكما كما نقول في تراثنا
عِشرة مِلاح… وخيّر سِياحة… وبالكم رايق وقلبكم واحد