ضل الحراز: علي منصور حسب الله
في قلب المعركة، حين تعلو أصوات الرصاص وتختلط الأرض بالسماء، لمحتك يا عز الدين…
لم تكن فقط أخي الأصغر، بل كنتَ في تلك اللحظة رجلًا من طرازٍ نادر، تتقدم الصفوف بعزيمة لا تلين، وبنظرةٍ حاسمة كأنها نظرة أسدٍ لا يعرف الخوف. شعرتُ حينها أني أنا الصغير، رغم أني من سبقك بسنوات العمر.
رأيتك تقف شامخًا، جسدك درع، وعقلك سلاح، وقلبك وطن.
في عيونك كانت الفاشر، وكانت السودان كلها. وفي خطواتك، كانت كرامة شعب، وصرخة أمة، ورفضٌ للهزيمة.
لقد كتبتَ اليوم اسمك بماء الذهب، ونقشته في لوح التاريخ بحروف من نور، كواحدٍ من أبطال السودان الحقيقيين، ممن صمدوا وواجهوا، ومن دحروا المليشيا الغاشمة في شوارع الفاشر، ورفعوا راية العزة فوق ترابها.
لم تكن وحدك، بل كنت مع إخوة لك في الميدان، رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، اختاروا أن يكونوا سياجًا من نار يحيط بالمدينة، لا تمر منه يدُ طغيانٍ ولا رصاصةُ غدر.
بكم، يا من حملتم البندقية بإيمان، وحملتم الوطن في قلوبكم، صارت الفاشر عصية، وعاد الأمل إلى صدورنا، وارتفعت رؤوسنا في كل السودان.
يا عز الدين، يا أخي، يا فخرنا…
كل بيت في السودان يذكركم بالدعاء، كل قلب ينبض امتنانًا لكم، وكل سطر من التاريخ سيذكركم على أنكم كنتم، وما زلتم، دروع الوطن وأسد الساحات.
وفعلًا، أنت عزّ الدين… وعزّ الوطن، وعزّ الفاشر، وعزّ كل وطنيٍّ غيور على تراب هذا البلد. ما أصدق اسمك، وما أنبله، وما أشرفه. حبيبي أنت يا عزّ الدين، لأنك لم تحمل فقط اسمًا جميلًا، بل حملت معنى العز في ميدان الشرف، وأثبتّ أن الاسم قد يكون قدرًا وجهادًا وفخرًا لا يموت.
ورغم أنني لن أطالك قامةً ولا شرفًا، اسمح لي — يا من كبُرت في عيني وفي قلب الوطن — أن أنزع صورتي من عمودي الصحفي، لأزيّنه بصورتك، فخرًا وحبًا واعتزازًا. لأن صورتك هناك ليست مجرد وجه، بل هي راية، هي قصة بطولة، وهي عنوانٌ لمرحلة يُكتب فيها الوطن من دماء الشجعان