واشنطن – دارفور الآن

في تطور لافت يعكس تعقيدات المواقف الدولية تجاه الأزمة السودانية فشل مشروع القرار الذي تقدمت به النائبة الديمقراطية في مجلس النواب الأمريكي براميلا جايابال والذي كان يهدف إلى الضغط على إدارة الرئيس دونالد ترامب وفقًا لصياغة القرارات القديمة لسحب الاعتراف بالحكومة الشرعية التي يقودها الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة والدكتور كامل إدريس رئيس الوزراء في المحافل الدولية بما في ذلك الأمم المتحدة.

كما دعا القرار الذي إطلعت عليه “دارفور الآن” إلى توسيع نطاق حظر السلاح المفروض على إقليم دارفور ليشمل جميع أنحاء السودان ورغم الدعم المحدود الذي حظي به المشروع من بعض أعضاء الجناح التقدمي داخل الحزب الديمقراطي إلا أنه لم يتمكّن من نيل تأييد الأغلبية في الكونغرس الأمريكي ما أدى إلى سقوطه رسميًا خلال جلسة التصويت الأخيرة التي شهدت نقاشًا محتدمًا حول سياسة واشنطن تجاه الصراع السوداني المستمر منذ أكثر من عامين.

مضمون المشروع المثير للجدل

جاء مشروع القرار في أعقاب تصاعد حدة الحرب في السودان وازدياد الضغوط الحقوقية داخل الولايات المتحدة للمطالبة بفرض مزيد من العقوبات الدولية على أطراف النزاع ولا سيما الحكومة الانتقالية بقيادة البرهان

وتضمن نص المشروع دعوات إلى العمل مع الشركاء الدوليين لسحب الاعتراف الرسمي بحكومة البرهان في المنظمات الدولية وحث مجلس الأمن الدولي على توسيع قرار حظر تصدير السلاح، ليشمل جميع أقاليم السودان وليس دارفور فقط وتوجيه الإدارة الأمريكية لتبني مواقف أكثر صرامة ضد من تصفهم النائبة جايابال بـ(مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان)

مواقف متباينة داخل الكونغرس

ورغم نبرة القرار الحادة اعتبر العديد من أعضاء الكونغرس من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي أن مشروع القرار يفتقر إلى التوازن السياسي والدبلوماسي محذّرين من أنه قد يعقّد الجهود الدبلوماسية الأمريكية في المنطقة بدلًا من دعم مسار السلام الجاري برعاية دولية وقال السيناتور الجمهوري توم كولمان عضو لجنة العلاقات الخارجية (مثل هذه القرارات قد تُفسَّر على أنها تدخل مباشر في شؤون دولة ذات سيادة وقد تُعرّض المصالح الأمريكية ومبادرات التسوية السياسية للخطر) من جهتها دعت نائبة رئيس اللجنة، الديمقراطية آنا إسكوبار، إلى ضرورة (الحفاظ على دور واشنطن كوسيط نزيه في الصراع لا طرفًا منحازًا) مؤكدة على أهمية التركيز على تقديم الدعم الإنساني وحماية المدنيين عبر المسارات الأممية القائمة.

ردود فعل سودانية ودولية

في العاصمة السودانية الخرطوم والعاصمة المؤقتة بورتسودان رحبت مصادر سياسية ودبلوماسية برفض مشروع القرار واعتبرته تأكيدًا جديدًا على استمرار الاعتراف الدولي بشرعية الحكومة الانتقالية التي تمثل الدولة السودانية في المحافل الدولية في المقابل أعرب عدد من النشطاء السودانيين في الخارج عن خيبة أملهم من سقوط المشروع معتبرين ذلك (خذلانًا جديدًا للضحايا والمدنيين المحاصرين في مناطق الحرب) بحسب وصفهم.

سياق معقّد… ومصير مجهول

في ظل تعقّد المشهد السياسي والعسكري داخل السودان والانقسام الدولي بشأن سبل الحل الممكنة يبدو أن التحركات التشريعية في واشنطن ستظل حذرة ومقيدة بأجندات داخلية وحسابات خارجية معقّدة وبينما يسقط مشروع جايابال تظلّ أعين السودانيين معلّقة على أي مبادرة دولية جادة قد تُفضي إلى وقف الحرب وتحقيق السلام أو على الأقل التخفيف من وطأة المأساة الإنسانية المتفاقمة في البلاد

Exit mobile version