علي مؤمن موسى علي

 

الجزيرة “شادة حيلها ” والوالي إيلا! عبارة كتبها شاب في مقتبل العمرعلى “الركشة” ( مركبة صغيرة هندية الصنع تستخدم للترحيل الداخلي)، كان ذلك في ولاية الجزيرة كان فقيدنا والياً عليها، ورسم طفل صغير آخر “إيلا” على شعر رأسه وعلى طريقة حلاقة الشعر لدى الزنوج الأمريكان وذلك كان للتعبير عن حبهم والإعتزاز برجل جاء ليخدمهم مشهد أول. وفي مشهد ثان شهد إستاد مدينة بورتسودان صباح اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2025م عند الثامنة والنصف، مشهد لصلاة الجنازة لفقيد البلاد رئيس الوزراء الأسبق الدكتور محمد طاهر إيلا الذي وافته المنية أمس بالقاهرة ووصلت جنازته محمولة على الطائرة الرئاسية إلى بورتسودان حيث كان المشهد رهيباً وعجيباً وفود ترد من كل حدب وصوب، مدافرةً فيها الكتف بالكتف كباراً وصغاراً باختلاف ألوانهم وسحناتهم ومشاربهم والنساء إصطففن خلف الجموع تحت المقصورة الرئيسية للاستاد في انتظام وخشوع وفي الصفوف الأمامية وقفت الوفود الرسمية والشعبية لأعيان البلد، الكل صلى ثم كبر ثم أجهش بالبكاء ؟ وعربة الاسعاف تستعد لأخذ جثمان الفقيد إلى مقابر السكة حديد تدافعت جموع من الناس لأخذ النظرة الأخيرة لرجل لطالما وسعت يده الكريمة حتي طالت صيانة المدافن وحولها من قبل لأمكنة تليق لإكرام الموتى واليوم زٌف إليها هو نفسه في مشهد كريم لرجل أكرم الناس فاكرموه. سألت نفسي ما الذي يفعله المرء ليكون بهذا القدر عند الناس والناس شهداء بعض؟ وماهو الشئ الأكثر استثنائية جعلت من الرجل محبوباً لدى أهله والجماهير السودانية كافة بهذه الكيفية والإجابة تقريبا سمعتها من رجل عظيم آخر هو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطاب فوزه الأخير قال: “من يخدم الناس لا يٌهزم”. فقيدنا د. محمد طاهر ايلا خدم البلد باخلاص وتفان وخاطب القضية الأساسية لدى شرق السودان وهو عليم بلبّها، وخاطب قضية التعليم وسخر لها كل الامكانات وادخل الحزم التنموية فيها و قضية الصحة وحول مناطق أكوام الاوساخ إلى مساحات واسعة صالحة للسياحة وخاطب قضايا المياه واجتهد فيها، وقاوم كل أشكال الفساد في المال العام محارباً ديناصورات الفساد وما لبثت أن تحولت مدينة بورتسودان المدينة الساحلية المهملة إلى ملاهي ومكان للسياحة وإقامة المهرجانات السنوية، أما الطرق والبنى التحتية فحدث ولا حرج فالفقيد كان بلدوزر للتنمية والمشهد هذا الصباح عكس أن الفقيد وقف مع قطاعات الشعب الضعيفة وحولهم إلى منتجين بالتمويل المباشر لمدخلات الانتاج مثل المراكب وتوابعها للصيادين ودعم المزارعين ووقف مع أجسام النساء ولا غرابة إن قلت ان إيلا هو من نبه الكل لأهمية الدحخول في معترك السياسة والدخول في ساحتها بصورة كبيرة من اجل خدمة النااس في الشرق مع االتقدير الشديد للرعيل الأول من سياسي الشرق منذ مؤتمر البجا 1958م والزعماء الذين مروا بالشرق الحبيب، فايلا يتقدم بخطوة على الكثيرين فقد كان ملهماً وصاحب رؤية وإرادة لذلك ما انتقل إلى الجزيرة والياً ففي فترة وجيزة شهدت ولاية الجزيرو نهضة كبيرة وكان ذلك كافيا لاقناع الارادة السياسية آنذاك ليكون رئيساً للوزراء.

اليوم يغادر إيلا منصة الحياة الدنيا إلى الله في الخالدين فقد ترك سيرة طيبة وعطرة لأهله في الشرق والسودان جميعاً باعثاً فينا روحاً وثابة للتشبه به فالتشبه بالرجال فلاح، ألا رحم الله الدكتور محمد طاهر إيلا في الخالدين وحفظ بلادنا من كيد الكائدين. اللهم آمين.

Exit mobile version