في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد، ووسط تعقيدات الحرب التي طالت كل مناحي الحياة في السودان، تبرز مبادرات وطنية وحركات سياسية جديدة تحاول أن تقدم رؤى مختلفة للخروج من النفق المظلم، وتوحيد السودانيين حول مشروع وطني جامع.

من بين هذه الكيانات، برزت حركة شباب التغيير والعدالة السودانية بقيادة الفريق خالد ثالث أبكر، التي تطرح نفسها كتيار وطني جامع يسعى إلى بناء دولة العدالة والمؤسسات بعيدًا عن الانقسامات الجهوية والمصالح الضيقة.

في هذا الحوار، يتحدث رئيس الحركة لـ«دارفور الآن» عن رؤيتهم السياسية والعسكرية، وموقفهم من الحرب الدائرة، وموقعهم من اتفاق جوبا للسلام، إضافة إلى طرحهم الجديد تحت عنوان “التعافي الوطني”، الذي يدعو إلى إعادة بناء الدولة وإحياء الأمل في نفوس الشباب السوداني.

كما يتناول الحوار موقف الحركة من الانتهاكات في دارفور وكردفان، وعلاقتها بالقوات المسلحة، ورؤيتها لمستقبل السودان بعد الحرب. فإلى مضابط الحوار:

حاوره: عبدالعظيم البشرى 

بدايةً، نود أن نتعرف على خلفيتكم الشخصية والعسكرية، وكيف تأسست حركة شباب التغيير والعدالة السودانية؟

نشأت في بيئة وطنية حملت همّ السودان منذ وقتٍ مبكر، و عملت في العمل العام ردحًا من الزمن، ما أكسبني خبرة عملية ومعرفة دقيقة بطبيعة التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه بلادنا. ومن رحم تجارب ومعاناة الشعب التي عاشها الشباب في مختلف مناطق السودان، وُلدت حركة شباب التغيير والعدالة السودانية كمشروع وطني جامع، يهدف إلى تصحيح الوضع المخل، وتوحيد إرادة الشباب خلف مشروع وطني جامع، وإرساء قيم العدالة والكرامة، بعيدًا عن الاصطفاف الجهوي أو الحزبي الضيق.

ما يميزنا أننا حركة ذات مشروع وطني شامل لا تسعى لمكاسب فئوية أو جهوية

ما هي الأهداف الأساسية التي قامت عليها الحركة، وما الذي يميزها عن بقية الحركات السياسية والمسلحة في السودان؟

قامت الحركة على ثلاثة مرتكزات:

أولها الوطن أولًا، وثانيها العدالة لكل السودانيين دون تمييز، وثالثها التغيير البنّاء القائم على الوعي لا على العنف.

ما يميزنا أننا حركة ذات مشروع وطني شامل، لا تسعى لمكاسب فئوية أو جهوية، بل نعمل لتأسيس دولة القانون والمؤسسات، التي يتساوى فيها الجميع. نحن نرى أن حمل السلاح ليس غاية، بل وسيلة للدفاع عن الوطن حين يُستهدف، ولتحقيق السلام الحقيقي القائم على العدل لا على التسويات الهشة.

تحدثتم في تصريحات سابقة عن دعمكم للجيش.. ما طبيعة هذا الدعم؟ وهل للحركة وجود ميداني فعلي في مناطق العمليات؟

نحن في خندق واحد مع القوات المسلحة السودانية، لأننا نؤمن بأنها المؤسسة الشرعية التي تحفظ كيان الدولة ووحدة التراب الوطني.

الحركة تمتلك قوات منظمة تشارك في معركة الكرامة ضمن التنسيق الكامل مع القيادة العامة للجيش

دعمنا ليس سياسيًا فقط، بل ميدانيًا أيضًا. فالحركة تمتلك قوات منظمة تشارك في معركة الكرامة ضمن التنسيق الكامل مع القيادة العامة للجيش، دفاعًا عن السيادة والكرامة، ومواجهة للمشروع التدميري الذي استهدف السودان أرضًا وشعبًا وتاريخًا.وقريبا سترون قوات اضافيه للحركة في ميدان المعركة.

أنتم من القادة الذين يرفعون شعار العدالة لشعوب دارفور وكردفان.. كيف تنظرون إلى ما يجري اليوم من انتهاكات في تلك المناطق؟

نحن ننشد العدالة لكل السودانيين وما يجري في دارفور وكردفان جريمة إنسانية بكل المقاييس، تمارسها مليشيات الدعم السريع ومجموعات مأجورة ومرتزقة خارج إطار الدولة. نحن نرى أن العدالة لا تتجزأ، وأن إنصاف هذه الشعوب يبدأ بوقف الانتهاكات ومحاسبة الجناة وتعويض المتضررين. لا يمكن أن يُبنى سلامٌ فوق الدماء والظلم. العدالة هي حجر الأساس لأي مشروع وطني مستقبلي.

ما الدور الذي يمكن أن تلعبه حركتكم في تخفيف معاناة المدنيين أو دعم المبادرات الإنسانية؟

نحن نعمل على دعم كل المبادرات بالتنسيق مع الجهات الرسمية والمنظمات الوطنيةالعاملة في مجال تخفيف معاناة المواطنين. كما أطلقنا عدة مبادرات داخلية لإعادة الإعمار المجتمعي ودعم الأسر المتأثرة بالحرب. نؤمن أن السلاح بلا رحمة لا يصنع وطنًا، ولذلك نضع الإنسان في صدارة أولوياتنا.

 

نحن في خندق واحد مع القوات المسلحة السودانية

هل لديكم تنسيق مع القوى المحلية أو الإقليمية داخل دارفور وكردفان لتحقيق الاستقرار بعد الحرب؟

نعم، نحن على تواصل مستمر مع القوى الوطنية والمجتمعية داخل الإقليمين، بهدف توحيد الصف الوطني ونبذ القبلية، والعمل على مشروعات المصالحات المحلية ورتق النسيج الاجتماعي. كما نرحب بأي جهد إقليمي صادق يهدف إلى دعم استقرار السودان دون تدخل في قراره السيادي.

 

اتفاق جوبا للسلام كان خطوة مهمة في وقتها، لكنه اليوم بحاجة إلى مراجعة شاملة تراعي المتغيرات التي أحدثتها الحرب

هل ترى أن اتفاق جوبا للسلام لا يزال صالحًا كأساس لبناء سلام دائم في السودان؟

اتفاق جوبا للسلام كان خطوة مهمة في وقتها، لكنه اليوم بحاجة إلى مراجعة شاملة تراعي المتغيرات التي أحدثتها الحرب. نحن مع أي اتفاق يضمن عدالة التمثيل، ودمج القوات في الجيش ونزع السلاح خارج المؤسسة العسكرية، وتوحيد القوى الوطنية في مشروع دولة واحدة. ، نحن نريد سلامًا يعيد للسودان هيبته ووحدته.

ما هي خطتكم المستقبلية لبناء السودان بعد انتهاء الحرب؟

نحن نطرح رؤية بعنوان “التعافي الوطني”، تقوم على ثلاثة محاور:

إعادة بناء الدولة على أسس مهنية وعادلة.

إعادة إعمار ما دمرته الحرب عبر مشروعات وطنية تشاركية.

إعادة الثقة بين المواطن والدولة من خلال حكم راشد ومؤسسات شفافة.

نريد سودانًا جديدًا يتسع للجميع، بدون تمييز.

 

نحن مع أي مبادرة توقف نزيف الدم وتحفظ سيادة البلاد

ما رسالتكم للشباب السوداني الذين فقدوا الأمل في التغيير؟

أقول للشباب: أنتم قوة التغيير الحقيقية، فلا تسمحوا لليأس أن يسرق منكم الحلم. السودان ينتظركم بوعيكم وطاقتكم وصدقكم. النصر لا يصنعه السلاح وحده، بل تصنعه الإرادة الوطنية الصلبة. تماسكوا، وتعلموا، وشاركوا، فأنتم صناع الغد.

موقفكم من المبادرات الداعية إلى وقف الحرب؟

نحن مع أي مبادرة توقف نزيف الدم وتحفظ سيادة البلاد، شرط ألا تُكافئ المعتدي أو تُمنح الشرعية لمليشيات ارتكبتكل هذه الجرائم. السلام الحقيقي لا يأتي بفرض الأمر الواقع، بل بعودة الدولة وهيبة الجيش، وإرادة الشعب في أن يعيش بأمن وكرامة.

كلمة أخيرة توجهونها للشعب السوداني عامة، ولأهل دارفور وكردفان على وجه الخصوص؟

أقول لشعبنا الأبي: تماسكوا خلف قواتكم المسلحة، فهي درع الوطن وسيفه. السودان باقٍ بإذن الله، ولن تسقط رايته مهما اشتدت المحن.

ولأهلنا في دارفور وكردفان، أقول: أنتم في القلب، صبركم وصمودكم يصنعان المجد. سنعيد معًا بناء هذه البلاد على قيم العدل، والإخاء، والوحدة.

وختامًا، نعاهد شعبنا أن نظل أوفياء للوطن، متمسكين بمشروع التغيير والعدالة حتى يتحقق النصر الكامل وتشرق شمس السودان من جديد.

Exit mobile version