جنيف: دارفور الآن
اعتمد أعضاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، خلال اجتماعهم في جنيف يوم الجمعة، بالإجماع قرارا بتشكيل بعثة مستقلة لتقصي الحقائق والتحقيق في الفظائع التي ارتكبت في مدينة الفاشر بإقليم دارفور، بعد سقوطها في يد مليشيا الدعـ..ـم السـ..ـريع. وتهدف البعثة إلى توثيق الانتهاكات وتحديد المسؤولين عنها، تمهيدا لمحاسبتهم وفق القانون الدولي.
وفي كلمته أمام الجلسة وقبلها، وصف المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك العنف في الفاشر بأنه “وصمة عار” على المجتمع الدولي الذي فشل في وضع حد له. وقال: “تم تصوير بقع الدم التي تلطخ الأرض في الفاشر من الفضاء، ووصمة العار في سجل المجتمع الدولي أقل وضوحا للعيان، لكن تداعياتها ليست أقل.”
وأضاف تورك: “حذرنا مرارا من الحصار الخانق الذي دفع الناس لأكل علف الحيوانات وقشور الفول السوداني… وحذرنا من تفشي المجاعة وسقوط المدينة في أيدي قوات الدعم السريع الذي سيؤدي إلى مذبحة.”
وتابع: “على المجتمع الدولي واجب التحرك. لقد كان هناك الكثير من التظاهر والأداء، والقليل من العمل، يجب الوقوف في مواجهة هذه الفظاعات، هذا العرض السافر للقوة الغاشمة لإخضاع السكان بأكملهم والسيطرة عليهم.”
كما دعا الدول إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين في الفاشر والمناطق المحيطة بها، وإلى القيام بجهود منسقة لمحاسبة جميع المسؤولين عن الانتهاكات للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان. وأضاف:
“فريقي يجمع أدلة على الانتهاكات يمكن استخدامها في إجراءات قانونية، والمحكمة الجنائية الدولية تتابع الوضع عن كثب. على جميع المتورطين في هذا النزاع أن يعلموا: نراقبكم والعدالة ستسود.”
وتشير تقارير الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية إلى أن مليشيا الدعـ..ـم السـ..ـريع اقتحمت مستشفى السعودي بالفاشر الشهر الماضي، وقتلت أكثر من 450 شخصاً داخله، وشنت هجمات منزلية استهدفت المدنيين، وارتكبت اعتداءات جنسية، وإعدامات عرقية، وعمليات خطف مقابل فدية، واعتقالات تعسفية واسعة.
وأكدت منى رشماوي، عضو بعثة تقصي الحقائق الدولية، أن جزءا كبيرا من الفاشر أصبح مسرح جريمة، حيث تحولت جامعة الفاشر إلى مأوى للقتل الجماعي، وجمعت البعثة أدلة على قتل متعمد، وتعذيب، واغتصاب، واختفاءات قسرية على نطاق واسع. ولفتت إلى أن شهودا تحدثوا عن جثث مكدسة في الشوارع وخنادق حفرتها القوات داخل المدينة وحولها.
وحذر تورك من تفاقم العنف في وسط السودان، خصوصا في إقليم كردفان، حيث تشهد المنطقة قصفا واسعا وحصارا ونزوحا قسريا.
ويدين مشروع القرار القتل العرقي واستخدام الاغتصاب كسلاح حرب من قبل مليشيا الـ..ـدعم السـ..ـريع وحلفائها، لكنه لا يشمل تحقيقا في دور الدول الداعمة.

