ضل الحراز : علي منصور حسب الله
في فجرٍ كان يجب أن يكون لحظة صفاءٍ بين العبد وربه… فجرٍ يرتفع فيه صوت الله أكبر على ألسنة المصلين ارتفع بدلاً عنه صوت الرعب وارتج المسجد بأصوات المدافع والانفجارات لم يكن أولئك الذين ارتقوا شهداء في مسجد حي أبو شوك في مدينة الفاشر سوى رجال سجدوا لله طلبوا رحمته وسكينته فحصدتهم مليشيا لا تعرف إلهاً ولا شرفاً ولا قانوناً
أية يدٍ هذه التي تمتد لتقتل راكعاً ساجداً؟ وأي قلبٍ هذا الذي يوجه قذائف الموت صوب بيت من بيوت الله؟! نحن لا نتحدث هنا عن اشتباك في أطراف مدينة ولا عن (أضرار جانبية) كما يزعم مجرمو الحروب… نحن نتحدث عن جريمة متعمدة مزدوجة البشاعة جريمة قتل جماعي للمدنيين وجريمة انتهاك صارخ لحرمة المساجد وتدنيس لمعاني الدين والإنسانية والضمير.
هل من حدود لوحشية هذه المليشيا؟ لقد أثبتت مليشيا الدعم السريع مرةً بعد مرة أنها لا تمثل إلا عصابة مسلحة خارجة عن كل قانون وخلق
هم لا يعرفون من الإسلام سوى اسمه ولا من الإنسانية سوى ما يدوسونه بأقدامهم لا مواثيق دولية تردعهم ولا أخلاق حرب تحكمهم ولا وازع من ضمير يمنعهم من القتل والنهب والاغتصاب وترويع الأبرياء ولعل ما جرى في مسجد أبو شوك في فجرٍ من فجائع الفاشر هو ذروةٌ جديدة في سلسلة طويلة من الجرائم التي لم يسلم منها طفل ولا شيخ ولا امرأة إلى متى يصمت العالم؟! أين المجتمع الدولي؟ أين الأمم المتحدة؟ أين المنظمات التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان؟ أين التقارير العاجلة؟ أين جلسات مجلس الأمن؟ أين الإدانة التي نسمعها إن أصيب كلبٌ في مدينة أوروبية بينما تباد مدينةٌ بأكملها في السودان دون أن يتحرك ضمير العالم؟
هذا الصمت ليس بريئاً إنه تواطؤ مفضوح وتخاذل مخزٍ لا يمكن فهمه إلا على أنه ضوء أخضر لمزيد من القتل ومزيد من الانتهاك ومزيد من الخيانة للعدالة التي يدّعون الدفاع عنها الفاشر تستغيث.. هل من مجيب؟ إن مدينة الفاشر بصبرها وثباتها تواجه اليوم الموت وحدها أطفالها يحتمون بالحفر ونساؤها يصرخن تحت ركام المنازل ومساجدها تُقصف أثناء الصلاة بينما قادة العالم يواصلون نومهم في عواصم تموت من البرد حيتانها
وهنا لا بد أن نقولها بوضوح لا تردع هذه المليشيا إلا القوة ولا تفهم إلا لغة السلاح ولا تتوقف عن الإجرام إلا إذا اصطدمت بجدار فولاذي من الردع والحسم دعوة إلى قادة الجيش والقوات المشتركة ودرع السودان وفيلق البراء يا من تحملون راية الدفاع عن الوطن يا من أقسمتم على حماية السودان
يا من تنظر إليكم الفاشر اليوم كما ينظر الغريق إلى خشبة نجاة… ماذا تنتظرون؟ وكل لحظة تأخير تعني أرواحاً تُزهق ومدناً تُدمر وأمة تُنحر
نقولها دون تردد التدخل العسكري العاجل في الفاشر أصبح واجباً وطنياً وأخلاقياً لا يحتمل المماطلة تحركوا بكل ما تملكون من قوة اضربوا هذا الباطل في مقتل خلّصوا شعبكم من هذا الجحيم لا تتركوهم فريسة لذئاب لا تعرف ديناً ولا عرفاً ولا إنسانية كفى مجازر… كفى تردداً… كفى صمتاً! لن ينقذ الفاشر بيان شجب
ولن تحمي المصلين تغريدات تعاطف
ولا تستعيد المدينة حياتها إلا حين تُكسر شوكة الإرهاب بعزم الرجال ودماء الأبطال الوقت ليس للخطابات
الوقت للفعل… والفاشر تناديكم باسم الدم والعقيدة والوطن