الخرطوم – دارفور الآن
أدانت منظمة أطباء بلا حدود الفظائع الجماعية التي تُرتكب في مدينة الفاشر والمناطق المحيطة بها، مؤكدة أن عمليات القتل تتم بشكل عشوائي وعلى أساس عرقي، في وقت يعيش فيه آلاف المدنيين خطر الإبادة بعد سيطرة مليشيا الدعم السريع على المدينة.
وقالت المنظمة في بيان إطلعت عليه “دارفور الآن” إن قوات الدعم السريع وحلفاءها يمنعون المدنيين من الوصول إلى مناطق أكثر أماناً مثل منطقة طويلة التي تبعد نحو 60 كيلومتراً عن الفاشر، حيث تعمل فرقها الطبية والإنسانية.
وأوضحت أن فرقها في طويلة استعدت لاستقبال موجات كبيرة من النازحين والمصابين بعد سيطرة الدعم السريع على الفاشر في 26 أكتوبر، عقب 17 شهراً من الحصار والهجمات المتكررة. وأشارت إلى أن أكثر من 5 آلاف شخص تمكنوا من الوصول إلى طويلة خلال الأيام الخمسة الماضية، بينما ما زال كثيرون عالقين في المدينة يتعرضون للتعذيب والاختطاف والعنف الجنسي والإعدامات الميدانية.
وقال ميشيل أوليفييه لاشاريتيه، رئيس قسم الطوارئ في المنظمة: “إن التقارير عن الفظائع الواسعة تتزايد، وعدد الناجين غير معروف. السؤال هو: أين المفقودون الذين نجوا من المجاعة والعنف في الفاشر؟”.
وأضاف: “ما نسمعه من المرضى يشير إلى أن كثيرين يُقتلون أو يُمنعون من الفرار. ندعو الدعم السريع والجماعات المتحالفة معها إلى تجنيب المدنيين المخاطر والسماح لهم بالوصول إلى الأمان. كما نحث الأطراف الدبلوماسية، بما في ذلك الرباعية (الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، ومصر)، على التدخل العاجل لوقف حمام الدم”.
وذكرت المنظمة أن الوافدين الجدد إلى طويلة، ومعظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، وصلوا في حالة إنسانية كارثية، حيث أظهرت الفحوص أن 57% من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد شديد، فيما يعاني 20% من الرجال القادمين من الفاشر من سوء تغذية مماثل.
وأشارت إلى أن الفاشر والمناطق المحيطة بها تعيش مجاعة معلنة منذ أكثر من عام، وأن السكان يعتمدون على علف الحيوانات للبقاء على قيد الحياة بسبب انقطاع الإمدادات الغذائية والطبية.
كما نقلت المنظمة عن شهود عيان أن مجموعة تضم 500 مدني وجنوداً من القوات المشتركة حاولوا الفرار في 26 أكتوبر، لكن أغلبهم قُتلوا أو أُسروا على يد الدعم السريع. وروى ناجون أن المقاتلين فصلوا الضحايا حسب الجنس والعمر والانتماء العرقي، واحتجزوا آخرين مقابل فدية مالية تتراوح بين 5 و30 مليون جنيه سوداني. وأفاد أحد الناجين بأنه دفع 24 مليون جنيه سوداني لإنقاذ حياته، فيما تحدث آخر عن مشاهد مروعة لمقاتلين يدهسون السجناء بالمركبات العسكرية.
وقالت نائبة رئيس قسم الطوارئ في المنظمة، الدكتورة ليفيا تامبيليني، إن الفرق الطبية استقبلت خلال الفترة من 26 إلى 29 أكتوبر نحو 396 مصاباً وعالجت أكثر من 700 وافد جديد، معظمهم يعانون من جروح بطلقات نارية وكسور وإصابات ناجمة عن التعذيب.
وأضافت تامبيليني أن المنظمة أنشأت مركزاً صحياً عند مدخل طويلة، وعززت خدمات الطوارئ والجراحة والرعاية الأساسية في المستشفى، مشيرة إلى أن العديد من موظفي المنظمة السودانيين فقدوا أقاربهم في الفاشر خلال الأيام الأخيرة.
واختتمت بالقول: “الناجون الذين وصلوا إلى طويلة في حالة يرثى لها، ويحتاجون إلى الغذاء والرعاية الطبية والدعم النفسي بشكل عاجل. يجب السماح للمدنيين بالانتقال إلى مناطق آمنة والحصول على المساعدات الإنسانية فوراً”.

